نجاة رقية و أم كلثوم بنتا النبى من الارتباط بأبناء أبى لهب | السيرة النبوية | الحلقة العاشرة | نحن الطريق الأخضر
الحلقة العاشرة
من السيرة النبوية
نتحدث فى هذة الحلقة عن نجاة رقية و ام كلثوم بنتا النبى من الارتباط بأبناء ابى لهب .
لم يكن قد مضى على زواج زينب من أبى العاص بن الربيع غير وقت قصير ، و بعدها أستقبل البيت المحمدى وفدا من آل عبد المطلب جاءوا يلتمسون مصاهرة إبن عمهم الأمين فى ابنتيه رقية و ام كلثوم .
و كانا ابناء العم اللذان يريدان خطبة ابنتا النبى هم عتبه و عتيبه ابنا العم ابو لهب " عبد العزى " .
و أيضا النبى كما سأل رأى زينب فى زواجها من إبن خالتها أبى العاص ، طلب أيضا النبى مهلة لسؤال رأى ابنتيه رقية و أم كلثوم فى الارتباط بابناء عمهما أبى لهب عتبه و عتيبه .
محتوى الموضوع :ـ
أولا ً :ـ رأى رقية و أم كلثوم فى الارتباط بابنى أبو لهب .
ثانياً :ـ مشاعر السيدة خديجة رضى الله عنها فى شأن ارتباط رقية و أم كلثوم بابنى أبو لهب .
ثالثاً :ـ مشاعر رقية و أم كلثوم فى شأن ارتباطهما بابنى أبو لهب .
رابعاً :ـ حال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى هذا الوقت .
خامساً :ـ أثر نزول رسالة الله على حبيبه و نبيه محمد صلى الله عليه و سلم.
سادساً :ـ كيف كان حال رقية و أم كلثوم عند انتقالهم لبيت ابو لهب .
سابعاً :ـ نصر الله رقية و أم كلثوم بعد نجاتهما من الارتباط بابنى أبو لهب.
أولا ً :ـ رأى رقية و ام كلثوم فى الارتباط بابنى ابو لهب :ـ
عندما أخبرت خديجة رضى الله عنها ابنتيها رقية و أم كلثوم بأن عتبه و عتيبه يطلبان الارتباط بهما ، لتلمح ما رأيهما و كيف وقع الخبر عليهما ، لكنهما انسحبتا الى مخدعهما ( مكان نومهما ) فى سكون دون أن ينطقوا كلمة واحدة و تبعتهما
فاطمة .
ثانياً :ـ مشاعر السيدة خديجة رضى الله عنها فى شأن ارتباط رقية و ام كلثوم بابنى ابو لهب :ـ
وبقيت الأم وحدها و قد شعرت بإنقباض لا تدرى سببه ، و عللته بقرب فراق لابنتيها ، و لكن بعد فترة تأمل .
عرفت خديجة رضى الله عنها سبب انقباضها : لقد كانت لا تستريح الى " ام جميل بنت حرب بن أميه " زوجة عبد العزى (أبو لهب ) و أم ولديه عتبه و عتيبه ، ففيها شىء من قسوة القلب و شراسة الطباع و حدة اللسان .
فأشفقت " السيدة خديجة " على ابنتيها من معاشرة هذة المرأة القاسية ، و لو أن الأمر بيديها لمنعت إتمام هذا الزواج المقترح .
لكن خديجة كانت تخشى أن تثير الهاشميين عليها و تتعرض لاتهامهم لها بأنها تحاول أن تمزق ما بين محمد و أهله من أواصر القربى .
و السيدة خديجة إلى جانب هذا ، تعرف لأم جميل انتماءها إلى بيت قرشى كبير و لن تسكت على مهانة الرفض بل ستسعى جهدها لتقلب قومها على خديجة .
و كانت السيدة خديجة لا تخفى عن زوجها الحبيب بمخاوفها أو ما يجول فى خاطرها لكنها كرهت أن تشغل محمدا بهذه الهواجس ، و هى تراه مشغول البال دائم التفكير فى أمر خطير يشغله .
و كانت لم تدرى ما هذا الامر ، فكانت توفر له ما يحتاج من هدوء و سلام و تراقبة فى خلوته بعين ساهرة دون أن تقتحم خلوته .
فلا تريد أن تعكر هدوءه بمخاوفها من أم جميل بنت حرب أم عتبه و عتيبه ، و لا تريد أن تشغله بالصراع بين حرصه على هناءة ابنتيه و بين بره بقومه و احترامه لأعمامه و اعتزازه بعشيرته الهاشميه .
ثالثاً :ـ مشاعر رقية و أم كلثوم فى شأن ارتباطهما بابنى أبو لهب عتبة و عتيبة :ـ
أما مشاعر رقية و أم كلثوم اتجاه هذا الارتباط كانتا لا تنكران و تخافا من أمر عتبه و عتيبه شيئا محددا فهما من فتية آل هاشم الأمجاد .
أما العم أبو لهب فله الى جانب حسبه و ثراؤه مكرمة سابقة و هى فرحته بمولد محمد ابن اخيه عبد الله و بمناسبة مولده أعتق جاريته ثويبه التى حملت اليه البشرى السعيدة .
و رغم ذلك كانت رقية و أم كلثوم لا يحبان فكرة الانتقال الى بيت العم و لا يعرفان السبب أم لأنهما يحبان العيش مع أمهما السيدة المهذبة اللطيفة بدلا من عشرة ام جميل زوجة أبو لهب ذات الطبع الحاد .
أم لأنهما لم يعتادا بعد الوضع الجديد أما لأنهما استنكرا على أم جميل ما لها من سلطان على ابنيها عتبه و عتيبه ما يجرح رجولتهما و إهدار شخصيتهما .
"حوارا و كلام هام"
و قالت ام كلثوم لرقية :ـ انك لتعلمين أن أبانا لن يقضى هذا الامر دوننا فماذا ترينك فاعلة ؟
فشحب وجه رقيه و هى تجيب :
لست بالتى تعق أباها فتعرضه للحرج امام اهله و عشيرته .
ثم اقتربت من اختها و قالت تشجعها فى رقة و عطف :
لا عليك يا اختاه ، فسنكون معا .
رابعاً :ـ حال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى هذا الوقت و إنشغاله ببداية الرسالة :ـ
و كذلك تم الأمر فى هدوء مشوب بالقلق ، و بارك محمد ابنتيه ثم تركهما فى حراسة الله و رعايته و انصرف الى ما كان يشغله من تعبد و تأمل .
و كذلك انشغلت السيدة خديجة عن ابنتيها رقية و أم كلثوم بالتفكير فى زوجها الحبيب لأنه قد ازداد ميلا الى الخلوة والصمت .
و بدا كأنه قد ابتعد عن شواغل الدنيا و انطوى على نفسه يعالج وحده ذلك الهم الجليل الذى يكتمه حتى عن خديجة موضع حبه و ثقته و سكنه .
كانت خديجة فى قلق ووحشة ، كانت تتمنى أن زوجها الحبيب يفضى إليها بالذى يشغل باله ، و فجأة لاح لها فى هدأة الليل شعاع من نور أضاء الظلمة التى أغرقت الكون من حولها .
و أقترب الى مسمعها فى ذلك الصمت العميق صدى من قول ابن عمها "ورقة بن نوفل " لها بأنه سيكون رسول للعالمين ، و قد استبطأ امرا توقعه ، بعد أن سمع حديث ميسرة عن محمد فى رحلتهما الى الشام ، ثم صمت الصدى و عاد السكون .
و مضت أيام و ليال كثر فيها خروج محمد إلى غار حراء و قلب خديجة يصحبه طائف حوله و إن بقيت بجسمها فى البيت ، تعد له زاده و تبعث وراءه من يحرسه و يأتيها بأنبائه .
و قد تذكر ابنتيها رقية و أم كلثوم فيرق قلبها رحمة لهما و اشفاقا عليهما مما قد يلاقوه فى عشرة أم جميل لكنها تنسي همها ذاك فيما يملأ دنياها من طلائع الأمر الجليل المرتقب .
خامساً :ـ أثر نزول رسالة الله على حبيبه و نبيه محمد صلى الله عليه و سلم هو طلاق بنات النبى :ـ
و لم يكذب السيدة خديجة ظنها ، فعندما تلقى محمد صلى الله عليه و سلم رسالة ربه و يدعو الى الدين الجديد ، حتى أخرجت "رقية و أم كلثوم " من بيت أبى لهب و ردتا الى بيت أبيهما .
طلاق بنتى الرسول رقية و أم كلثوم من ابنى أبو لهب
و كانت قريش قد ائتمرت بالرسول فى بناته قائلة :ردوا بناته فاشغلوه بهن ليردوه عن الدعوة للدين الجديد ، و مشوا الى أصهار الرسول الثلاثة فقالوا لهم واحد بعد الاخر بمفارقة بنات النبى .
رفض " أبو العاص " مفضلا البقاء مع زينب بنت النبى ، أما ابنا أبى لهب عتبه و عتيبه استجابا على الفور وتركا بنات النبى رقية و أم كلثوم و اختار عتبه زوجة من آل سعيد بن العاص بدلا من " رقية بنت محمد " .
و فى الحق ان ابنى أبى لهب لم يكونا بحاجة إلى سعى من قريش فى طلاق العروسين ، لأن أم جميل بنت حرب أم عتبه و عتيبه أقسمت ألا يظلها هى و بنتى محمد سقف واحد .
و كانت أم جميل وراء زوجها أبى لهب تسوقه أمامها مسلوب النخوة و المروءة فاقد الإرادة و تسمم الدم الهاشمى الذى يجرى فى عروقه و تنسيه ما توجبه عليه عمومته لمحمد من نجدة و المحافظة على أواصر القرابة .
كانا موقفهما غريب يدعو الى الدهشه و العجب ، أنهما كانوا أشد عداوة لنبى الله رغم القرابة ، ليست الدهشة أن أبا لهب لم يسلم .
فكذلك بقى أكثر الهاشميين على دين آبائهم زمنا طال أو قصر لكنهم مع ذلك رفضوا أن يخذلوا ابن عبد الله و يحاربوه مثل أبو لهب .
كانت أم جميل امرأة حقودة تكره خديجة بنت خويلد لأن خديجة كانت ملء العيون مهابة و جلالا ملء الاذان عفة و طهرا .
فراحت تؤجج غضب القوم على محمد لتغيظ غريمتها و تفسد عليها سعادتها التى كانت مضرب الامثال .
كانت أم جميل تكييد لبنى هاشم الذين استأثروا بأكثر المجد و السلطان دون قومها بنى عبد شمس .
فراحت تفرق شمل الهاشميين و تمزق أواصرهم من أجل عزة قومها على تمزيق و تشتيت الآخرين .
فلم يكفى أم جميل أن ترد ابنتى محمد و خديجة رقية و أم كلثوم طالقين بل خرجت و معها زوجها أبو لهب إلى صميم المعركة بين محمد و قريش .
نقل السهيلى رواية عن ابن عباس :
" لما أنزل الله تعالى : و أنذر عشيرتك الأقربين . خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الصفا فصعد عليه و هتف : واصباحاه ، فلما اجتمعوا إليه قال : أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج من سفح هذا الجبل ، أكنتم مصدقى ؟ .. قالوا : ما
جربنا عليك كذبا . قال : فإنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد . فأنبرى له ابو لهب قائلا : تبا لك ، ألهذا جمعتنا ؟ ..
فأنزل الله تعالى : " تبت يدا ابى لهب و تب . ما أغنى عنه ماله و ما كسب . سيصلى نارا ذات لهب .امرأته حمالة الحطب . فى جيدها حبل من مسد "
ذلك لأن أم جميل كانت تحمل الشوك فتطرحه على طريق رسول الله صلى الله عليه و سلم حيث يمر ..
سادساً :ـ كيف كان حال رقية و أم كلثوم عند انتقالهم لبيت أبو لهب :ـ
كان زواج رقية و أم كلثوم بنات النبى بابنى أبو لهب الجاحد العاق زواجا خائبا و عودتهما الى ابويهما شفاء لحقد حماتهما أم جميل بنت حرب حمالة الحطب .
فكانت معاملة أم جميل لابنتى محمد كانت معاملة قاسية ، اذا صحت الرواية القائلة بأن الطلاق تم بعد انتقالهما الى بيت ابى لهب ، و ليس قبل الدخول بهما كما تقول رواية اخرى .
فكانت ترصد حركاتهما و سكناتهما و تحاسبهما على النظرة و الهمسة و اللفتة و تنقم عليهما ما ترى فى سمتهما النبيل و ملامحهما اللطيفة من مخايل السيدة "خديجة بنت خويلد" موضع غيرتها و حسدها .
و كانتا العروسان يقابلن صنيع حماتهن بالتجمل و الصبر ، فكانت تسئ الظن بوداعتهما فحملتها محمل الازدراء و الترفع و ازدادت لذلك شراسة و جفاء .
و لم تفكر احداهما فى الشكوى لابويهما ، فقد كانتا أبر بهما من أن تروعهما بالحديث عن أفاعيل "أم جميل "
و هكذا احتملت ابنتا محمد همومهما فى صمت و صبر حتى أراحهما الله من ذاك الكرب و نجاهما من كيد حمالة الحطب و هكذا كانت النجاة .
و كيف تقول أنها نجاة رغم حدوث و وقوع الطلاق ؟ هى حقا نجاة لابنتى الرسول من ما حدث لابنى أبو لهب من عقاب و عذاب حل بهم و بأسرة أبو لهب كلها نتيجة اصرارهم على مضايقة النبى و عدم اتباعهم له رغم أن أبو لهب قد عاهد أبو طالب فى فراش الموت بأن يرعى محمدا من بعده و لكن أبو لهب قد خالف العهد بالحماية .
و أيضا نجاهما الله بأن قد تطلقا منهما و تزوجا رجلا من أعز رجال المسلمين .
سابعاً :ـ نصر الله رقية و أم كلثوم بعد نجاتهما من الارتباط بابنى أبو لهب :ـ
الحياة فى بيت أبيهما ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانت قد تغيرت عما الفتا فى امسهما السعيد ، أولم يقول الرسول لزوجته : " مضى عهد النوم يا خديجة " ؟ بلى و جاء عهد السهد و الاضطهاد و الامتحان و العذاب فى سبيل الله .
فكانت السيدة خديجة تثبته و تهون عليه ما يلقى حتى يزول ما به من حزن .
و مع كل هذا العذاب ، طاب لرقية و أم كلثوم أن تشاطرا أبويهما ما يلقيان فى سبيل الله و ارتاحت نفساهما لاحتمال كل صنوف الاذى و استعذبتا الالم و التضحية فى تلك المعركة المقدسة .
و خاب ظن حمالة الحطب و ظن المشركين من قريش ، فلم يشغل " محمد " ـ صلى الله عليه وسلم ـ بابنته عن دعوته ، و لم يشق عليه رجوعهما الى بيته .
من هما ابنتى الرسول الذى تزوجهما عثمان ؟
فقد نجاهما الله من محنة العيش مع ابنى حمالة الحطب و أبى لهب ، ثم ما لبث ان ابدلهما خيرا منهما : زوجا صالحا كريما من النفر الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام و أحد العشرة المشهود لهم بالجنة .
ذلك هو " عثمان بن عفان بن ابى العاص بن أمية ابن عبد شمس " أعزه الله فى الجاهلية فكان من أعرق فتيان قريش نسبا ، يلتقى مع الرسول الكريم من جهة الأب عند عبد مناف بن قصى .
و من ناحية الام عند عبد المطلب بن هاشم ، فجدة عثمان لامه هى البيضاء ام حكيم بنت عبد المطلب جد النبى ..
و كان " عثمان " الى هذا النسب العريق بهى الطلعة موفور المال رضى الخلق ، ثم أعزه الله فى الاسلام فكان من السابقين الاولين .
نحن الطريق الاخضر
/ يرى فى نجاة الله لرقية و أم كلثوم من الارتباط لهما بابنى لهب نصره و حمايه من الالام القسوة و الظلم و الحقد .
كما فى تسلسل ما مروا به من أحداث نجد أدب فى بيت النبوة و إصرار على صلة الرحم رغم مشاعرهم اتجاه الموضوع جمال أدب السيدة خديجة و احترامها لزوجها الحبيب و حرصها على مكانته بين أهله .
و احترام و ادب بنات النبى رقية و أم كلثوم فى رضاهم و خوفهم على أبيهم و صبرهم على معاشرة سيدة حقودة و قاسية الى أن حكم الله فى الأمر بالخير لهما و النجاة و العوض لهما بالزواج من سيدنا عثمان رضى الله عنه ذو النورين .
انتظروا من / نحن الطريق الأخضر ـ الحلقة الحادية عشر من السيرة النبوية ـ كيف كانت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم فى البداية .
إلى اللقاء ،،،،