التربية النبوية الصالحة للصحابة رضى الله عنهم فى الفترة المكية | نحن الطريق الأخضر .
الحلقة الثالثة عشر من السيرة النبوية
و نبين و نوضح لكم فى هذه الحلقة كيف قام الرسول صلى الله عليه و سلم على تعليم الصحابة و تربيته لهم فى الفترة المكية و اثناء الدعوة السرية .
فماذا النبى صلى الله عليه و سلم علم الصحابة
فى الفترة المكية ؟ و كيف كانت التربية النبوية ؟ .
قام النبى صلى الله عليه وسلم بتربية اصحابه
و تعليمهم السنن الالهية ، العقيدة ،كيفية تغذية كلا من العقل ، الروح ، الجسد ،
مكارم الاخلاق فى الفترة المكية .
محتوى الموضوع :ـ
اولاً :ـ التربية النبوية للصحابة بخصوص
السنن الربانية فى الفترة المكية.
ثانياً :ـ التربية النبوية للصحابة فى العقيدة
فى الفترة المكية .
ثالثاً :ـ التربية النبوية الروحية للصحابة
فى الفترة المكية .
رابعا :ـ التربية النبوية العقلية للصحابة فى
الفترة المكية .
خامساً :ـ التربية النبوية الجسدية للصحابة
فى الفترة المكية .
سادساً :ـ التربية النبوية للصحابة على مكارم الاخلاق فى الفترة المكية .
اولاً :ـ التربية النبوية الصالحة للصحابة بخصوص السنن الربانية فى الفترة المكية .
السنن الربانية هى أحكام الله تعالى الثابتة فى الكون و على الانسان فى كل زمان
و مكان ، فهى سنن آلهية لا تتبدل و لا تتغير .
فدرس الصحابة هذة السنن الربانية و بعدها تكشفت لهم الحكمة من وراء الاحداث
.
و من هذة السنن الربانية :ـ
ـ سنة التدرج :ـ
و هى سنة من سنن الله تعالى فى خلقه و كونه ، و هذه السنة سار على دربها النبى
صلى الله عليه و سلم لتغيير الحياة الجاهلية لتصبح حياة اسلامية .
فكانت الدعوة
السرية فى الفترة المكية تعتبر فترة تأسيس و تربية ثم تدرجت الامور الى المواجهة و
المقاومة ثم تدرجت فى المدينة لمرحلة النصر .
فكانت الفترة المكية فى الدعوة فترة اعداد و تربية و تهيئة فكرية و نفسية و
اجتماعية .
فتعلموا الصحابة من النبى صلى الله عليه و سلم سنة التدرج .
ـ سنة التغيير :ـ
يقول الله سبحانه و تعالى فى سورة الرعد ’ آية 11 " و إن الله لا يغير
ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "
إن التغيير الذى قام به النبى صلى الله عليه وسلم و ذلك بالاستعانة بمنهج
الله سبحانه و تعالى .
حيث ان النبى صلى الله عليه وسلم بدأ بتغييرالنفس البشرية فصنع
منها الرجال العظماء ثم انطلق الى تغيير شكل المجتمع .
حيث نقل الناس من الظلمات الى
النور و من الجهل الى العلم .
قام النبى صلى الله عليه وسلم بمنهجه القرآنى بتغيير فى العقائد و الافكار
و التصور و عالم المشاعر و الاخلاق فى نفوس أصحابه فقام بتغيير ما حوله فى دنيا الناس
فتغيرت المدينة ثم مكة ثم الجزيرة ثم بلاد فارس و الروم فى حركة عالمية .
ثانياً :ـ التربية النبوية الصالحة للصحابة فى العقيدة فى الفترة المكية .
جاء القرآن الكريم لترسيخ العقيدة الصحيحة و تثبيتها فى قلوب المؤمنين و
ايضاحها للناس أجمعين .
ـ ربى النبى صلى الله عليه وسلم الصحابة على عقيدة التوحيد و صفات الله و
اسمائه الحسنى .
فعظم الله فى نفوسهم و
أصبح رضى الله سبحانه و تعالى غاية مقصدهم.
- القرآن المكى كان يرسخ العقيدة الصحيحة حول التوحيد فى قلوب الصحابة رضوان
الله عليهم و كان لذلك اثر عليهم فلم يطيعوا غير الله و لم يحبوا غير الله و لم
يلتجئوا الا الى الله ، و لم يخافوا الا الله ، و لم يتوكلوا الا على الله ، و لم
يركعوا او يسجدوا الا لله .
ـ ركز القرآن المكى على اليوم الآخر فدائما يذكر فى القرآن المكى أهوال يوم
القيامة و أحوال المنعمين و أحوال المعذبين و الجنة و النار .
فعندما توصف الجنة للصحابة ،
يندفعون الصحابة لمرضاة الله تعالى و يقدمون الغالى و النفيس و تمتلىء نفوسهم بالعزيمة
و الاصرار على اعزاز دين الله .
و عندما توصف النار للصحابة ، كانت تمتلىء قلوب الصحابة الخوف من الله تعالى و يخشوه و يرجوه .
ـ ركز القرآن المكى فى الفترة المكية بقضية القضاء و القدر ، فكان الرسول
صلى الله عليه وسلم يغرس فى نفوس الصحابة مفهوم القضاء و القدر و كان لذلك ثمار
نافعة و مفيدة منها :
اداء عبادة الله عز و جل .
الايمان بالقدر طريق الخلاص من
الشرك لأن المؤمن يعتقد ان النافع و الضار و المعز و المذل و الرافع و الخافض هو
الله وحده سبحانه و تعالى .
الصبر و الاحتساب و مواجهة الصعاب .
سكون القلب و طمأنينة النفس و راحة البال .
عزة النفس و القناعة و التحرر من رق المخلوقين .
ـ و لم تقتصر تربية الرسول صلى الله عليه وسلم لاصحابه على تعليمهم اركان
الايمان الستة ( التوحيد ، اليوم الآخر ، الجنة ، النار ، القضاء و القدر ) .
بل صحح النبى صلى الله عليه وسلم عند الصحابة كثيرا من المفاهيم و التصورات
و الاعتقادات حول الانسان و الحياة و الكون و العلاقة بينهما لتسيير المسلم على نور من الله يدرك هدف
وجوده فى الحياة و يحقق ما أراد الله منه و يتحرر من الوهم و الخرافات .
ـ و ايضاً اهتم النبى صلى الله عليه وسلم ان يعلم الصحابه حقيقة الانسان و
الكون و الحياة و حقائق عن الحيوان الذى لا يقل فى الاهمية و الدقة عن الحقائق
التى قررها فى كل جوانب الكون و الحياة .
ـ اهتم النبى صلى الله عليه وسلم ان يوضح قصة الشيطان مع آدم عليه السلام و
يشرح لهم حقيقة الصراع بين الانسان مع
عدوه اللدود و تعلم الصحابه قضايا مهمة منها :ـ
أن آدم هو أصل البشر .
جوهر الاسلام الطاعة المطلقة لله .
قابلية الانسان للوقوع فى الخطيئة .
خطيئة آدم تُعلم المسلم ضرورة التوكل على ربه .
ضرورة التوبة و الاستغفار .
الاحتراز من الحسد و الكبر الذى كانا فى إبليس .
ابليس هو العدو لآدم و زوجه و ذريتهما .
ثالثاً :ـ التربية النبوية الصالحة للصحابة من الناحية الروحية فى الفترة المكية .
ربى رسول الله صلى الله عليه و سلم أصحابه على تزكية أرواحهم و أرشدهم الى
الطريق الذى يساعدهم على تحقيق ذلك و ذلك عن طريق : ـ
ـ التدبر فى كون الله و مخلوقاته و فى كتاب الله تعالى .
ـ التأمل فى علم الله الشامل .
ـ عبادة الله عز وجل ، فالعبادات تسمو بالروح و تطهر النفس مثل الطهارة و
الصلاة و الصيام و الزكاة و الحج .
فتزكية الروح بالصلاة و تلاوة القرآن و ذكر الله تعالى و التسبيح له سبحانه
امر مهم فى الاسلام ، فالعبادة و المداوامة عليها تعطى الروح وقود و زاد و دفع قوى
الى القيام بما تؤمر به .
رابعا :ـ التربية النبوية الصالحة للصحابة من الناحية العقلية فى الفترة المكية .
كانت تربية النبى صلى الله عليه وسلم لاصحابه شاملة لانها مستمدة من القرآن
الكريم الذى خاطب الانسان ككل (روح و جسد و عقل ) .
فقد اهتم النبى صلى الله عليه و سلم بتربية الصحابه على تنمية قدرتهم فى
النظر و التأمل و التفكر و التدبر .
و لذلك وضع القرآن الكريم منهج لتربية العقل ، و من أهم نقاط هذا المنهج :ـ
ـ تجريد العقل من المسلمات المبنية على الظن و التخمين اوالتبعية و التقليد
.
ـ الزام العقل بالتحرى و التثبت .
ـ دعوة العقل الى التدبر و التأمل فى نواميس الكون .
ـ دعوة العقل الى التأمل فى حكمة ما شرع الله .
ـ دعوة العقل الى النظر الى سنة الله فى الناس عبر التاريخ البشرى .
خامساً :ـ التربية النبوية الصالحة للصحابة من الناحية الجسدية فى الفترة المكية .
حرص النبى صلى الله عليه و سلم على تربية اصحابه جسدياً و استمد اصول تلك
التربية من القرآن الكريم بحيث يؤدى الجسم وظيفته التى خُلق لها من دون اسراف او
تقتير و دون محاباة لطاقة من طاقاته على حساب طاقة اخرى .
ولذلك ضبط القرآن الكريم حاجات الجسم البشرى على النحو التالى :ـ
ـ ضبط حاجة الجسد الى الطعام و الشراب .
ـ ضبط حاجة الجسد الى الملبس .
ـ ضبط حاجة الجسد الى المأوى .
ـ ضبط حاجة الجسد الى الزواج و الاسرة بإباحة النكاح و تحريم الزنا و
اللواط .
ـ ضبط حاجة الجسد الى التملك و السيادة .
ـ ضبط حاجة الجسد الى العمل و النجاح و من اللازم ان يكون العمل مشروعا و
غير ضار بأحد من الناس .
هذة بعض الاسس التى قامت عليها التربية النبوية للاجسام حتى تستطيع ان
تتحمل اثقال الجهاد و صعوبة الحياة .
سادساً :ـ التربية النبوية الصالحة للصحابة على مكارم الاخلاق فى الفترة المكية .
ان الاخلاق الرفيعة جزء مهم من العقيدة ، فقد ربى رسول الله صلى الله عليه
وسلم اصحابه على مكارم الاخلاق .
فالاخلاق ليست شىء ثانوى فى هذا الدين و ليست محصورة فى نطاق معين من
نطاقات السلوك البشرى انما هى ترجمة عمليه للاعتقاد و الايمان الصحيح ، لان
الايمان ليست مشاعر بل هو عمل سلوكى ظاهر .
فان الاخلاق فى التربية النبوية شىء شامل يعم كل تصرفات الانسان و كل مشاعره
و تفكيره .
فالصلاة لها اخلاق و هى الخشوع ، و الكلام له اخلاق و هى الاعراض عن اللغو
، و الجنس له اخلاق و هى الالتزام بحدود الله و حرماته ، و التعامل مع الاخرين له اخلاق هو التوسط بين
التقتير و الاسراف ، و المجتمع له اخلاق و هى ان يكون الامر شورى بين الناس ، و
الغضب له اخلاق و هو العفو و الصفح ، ووقوع العدوان من الاعداء له اخلاق هى
الانتصار اى رد العدوان .
و هكذا نكون قد قدمنا لكم نحن الطريق الأخضر من شخصيات موضوع هام و هو الحلقة الثالثة عشر من السيرة النبوية التى كنا نتحدث فيها عن التربية النبوية الصالحة للصحابة فى الفترة المكية أثناء الدعوة السرية .
و كما تحذثنا قبل ذلك عن بدء نزول الوحى على الرسول صلى الله عليه و سلم و عن بنات الرسول صلى الله عليه و سلم و كيف كانت العلاقة بينهم .
الى اللقاء ،،،،،،،