ما هى اسباب مساوىء الاخلاق و ما هى ضوابطها .
الاخلاق الاسلامية لها مكانة عالية و منزلة رفيعة عظيمة ، فقال الله عز وجل فى كتابه العزيز فى سورة القلم : آية رقم 4 " و إنك لعلى خلق عظيم " .
منهج الله سبحانه و تعالى منهج تطبيقى عملى قطعى لا نظرى وصفى فقد طبقه المصطفى صلى الله عليه وسلم فى نفسه و مع غيره و أحب أصحابه هذا المنهج ، فانتشر بينهم الوئام و الالفة و وصلت بهم اخلاقهم الى اعلى الدرجات ، فيقدم الرجل حاجة اخيه على نفسه و يؤثر بعضهم بعضاً .
و هنا نوضح ما هى المساوىء الاخلاقية و ماهى اسبابها و ما هى ضوابطها .
أولاً : تعريف المساوىء الاخلاقية
السوء : الفجور و المنكر
السيئة : الخطيئة
السوأة : الخلة القبيحة
السوآء : اى كل كلمة قبيحة او فعلة قبيحة فهى
سوآء
الاخلاق : هى اوصاف الانسان التى يعامل بها
غيره و هى محمودة و مذمومة .
فالاخلاق هى كل ما يتصف به الانسان من اوصاف
حميدة او ذميمة ، و هى تمثل الصورة الباطنة للانسان ، كخلقته الظاهرة .
و يمكن تعريف المساوىء الخلقية بأنها : كل
صفة سلوكية قبيحة قولية او فعلية او اعتقادية .
فمن المساوىء الخلقية : ما يكون فعلا
بالجوارح كاليد و الاذن و العين ، و منها ما يكون قولاً باللسان ، و منها ما يكون اعتقادا كمن يبغض بقلبه شيئا
من شرائع الدين او يتمنى ان يزول شىء من شرائعه او تحل الرذيلة و ينتشر الفساد أو
يبغض بقلبه احداً من الصحابة ، او يعتقد فى احد انه يضر او ينفع من دون الله عز و
جل .
ثانياً : اسباب و أصول المساوىء الخلقية
ابن قيم الجوزية يرى انها تقوم على اربع :
الجهل و الظلم و الشهوات و الغضب .
يشير ابن حزم الى ان اصول المساوىء الخلقية
هى اربع : الجور و الجهل و الجبن و الشح .
ــ فالجهل :وراء ارتكاب الانحرافات الخلقية .
فالجاهل : يرى من خلال جهله الحسن فى صورة
القبيح ، و القبيح فى صورة الحسن ، و الكمال نقصاً ، و النقص كمال .
فالجهل اى فعل عملا بغير علم و لا ينحصر
الجهل فى عدم العلم بل يتعداه الى رد العمل بالعلم و الاخذ بضده مثل انكار الاقوام
دعوة انبيائهم بعد تبليغهم لهم و علمهم بها .
و الجهل من اشد عوامل الانحراف السلوكى .
مثال : فمن ينبهفالعلم تر بعادات و حضارة الغرب
و الاقتداء بهم دون الامعان و التدقيق فيما يوافق ذلك شريعتنا او العرف او التقاليد
و العادات ، و ايضا حضارة الغرب لها اثر فى تمزق اخلاقى و اسرى و اجتماعى .
فالعلم نور و الجهل ظلام و لابد من التمعن و
التدقيق فى الامور .
ـ الشهوات ( القوة الطلبية ) :ـ و هى المعاصى كالزنا و الغش و السكر و التعالى .
القوة
الطلبية : القوة الجاذبة و هى تشتمل على الهوى و الشهوات .
الهوى : أصل من اصول الرذائل السلوكية .
قال ابن الجوزى : من لم يتبع هواه فإنه ينهى
نفسه عن لذة يعقبها الم و شهوة تورث ندماً .
ـ العدل اصل فى كل فضيلة و الجور اصل فى كل
رذيلة
فالذى يبخس الناس حقوقهم لم يعدل فى حقهم ، فهذا سبب فى انتشار مساوىء الاخلاق مثل الذى يطفف فى الميزان و لم يعدل و الذى يكذب و الذى لا يساعد اليتيم و الذى لا يقول الحق و الذى يضطهد شخص .
ـ الغضب ( القوة الدافعة ) :ـ كالضرب و القتل و اللعن و الظلم و نحو ذلك .
الغضب هو غليان دم القلب طلباً لدفع الاذى
عنه خشية وقوعه او طلبا للانتقام ممن حصل فيه الاذى بعد وقوعه .
و الانسان مزود بطبيعة الغضب : اذ لو فقدها
لتبلد الاحساس و لفسدت شجاعته .
قال ابن قيم الجوزيه : فللغضب حد هو الشجاعة
المحمودة فاذا جاوز حده تعدى صاحبه و جار و ان نقص عنه جبن و ضعف .
فالغضب من القوى التى تحمل الانسان على الكبر
و الحقد و الحسد و العدوان و كلها من مساوىء الاخلاق .
و قد جاء فى الحديث : ( ان رجلاً قال للنبى
صلى الله عليه وسلم : أوصنى ، قال : لا تغضب . فردد مراراً ، قال : لا تغضب )
و قال عليه الصلاة و السلام : ( ليس الشديد
بالصرعة ، انما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب ) .
و قال على بن ابى طالب : و حد الحلم ضبط النفس عن الغضب .
ثالثاً : ضوابط المساوىء الخلقية
اى ما هى محددات و مقيدات السلوك المنحرف .
فيوجد ضوابط للسلوك لكى يكون السلوك محمودا و
هذة الضوابط هى :
أولا : الضابط المنهجى :ـ
يقصد السلوك الاخلاقى لمنهج الكتاب و السنة
فالاصل فى الضابط الاخلاقى المحمود : الالتزام
السلوكى بالفضائل الخلقية وفق ما جاء بها الاسلام .
و أصل الضابط للمساوىء الخلقية :ـ
مخالفة الالتزام بالفضائل الخلقية و الاتيان
بعكسها مثل بذل االاذى و الرد على
الاذى او مجاوزة الحد فيها او القصور عنها
مثل الاسراف او البخل و كلاهما مذموم .
فمطلوب منا دوماً الاتزان و الحكمة .
و خلاصة الضابط المنهجى : هو متابعة منهج
المصطفى صلى الله عليه وسلم بلا زيادة و لا نقصان .
ثانياً : الضابط الاخلاقى :
فحتى يحظى العمل الموافق فى ظاهرة لمنهج
المصطفى صلى الله عليه وسلم بالقبول و يبتعد عن دائرة مساوىء الاخلاق فلابد ان
يكون الباعث اليه الطاعة لله تعالى بإخلاص النية له ـ سبحانه و تعالى ـ و ليس
لاسباب فاسدة تدخلها فى مساوىء الاخلاق .
فلابد من المتابعة لمنهج المصطفى صلى الله
عليه وسلم من إخلاص النية لقوله عليه الصلاة و السلام : ( إنما الأعمال بالنيات ،
و إنما لكل امرىء ما نوى ، فمن كانت هجرته الى الله و رسوله ، فهجرته الى الله و
رسوله ، و من كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه
) .